**إن خلق الاستغفار خلق رفيع الشأن عظيم المكانة تخلق به صفوة الخلق من الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام , فحينما كان إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يدعوا والده إلى التوحيد والإسلام وقابله والده بالإعراض كان أول ما لجأ إليه إبراهيم الخليل هو الاستغفار طمعاً في هداية الأب إلى طريق الصواب
((قال سلامٌ عليك سأستغفر لك ربي إنه كان حفيا))
قال قتادة - رحمه الله - : " إن القرآن يدلكم على دائكم و دوائكم أما داؤكم فالذنوب و أما دواؤكم فالاستغفار .
و قال علي - كرم الله و جهه - : " العجب ممن يهلك و معه النجاة قيل : و ما هي ؟ قال الاستغفار " .
و كان - رضي الله عنه - يقول :((ما ألهم الله - سبحانه و تعالى - عبداً الاستغفار و هو يريد أن يعذبه " )).
و يروى عن لقمان - عليه السلام - أنه قال لابنه : " يا بني إن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً فأكثر من الاستغفار " .
و عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً "
و قال أبو المنهال : " ما جاور عبد في قبره من جارٍ أحب من الاستغفار " .
و كان الحسن البصري يقول : " أكثروا من الاستغفار في بيوتكم , وعلى موائدكم و في طرقكم و في أسواقكم و في مجالسكم فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة ؟"
إخواني وأخواتي إن للاستغفار أثار عديدة لا حصر لها ففيها استجابة لأمر ربكم عزوجل:
( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ )
و قوله تعالى :
( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ )
وهو سبب لجلب الرزق وبركته
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا )
يقول القرطبي – رحمة الله تعالى - : " في الآيات دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزق و الأمطار , و يقول الحافظ ابن كثير رحمة الله – في تفسيره :" أي إذا تبتم إلى الله و استغفرتموه و أطعتموه كثر الرزق عليكم و أسقاكم من بركات السماء و أخرج لكم من بركات الأرض , و أنبت لكم الزرع , و أدر لكم الضرع و جعل لكم جنات فيها أنواع الأنهار و خللها بالأنهار الجارية بينها " .
وهو سبب في جلب المتاع الحسن (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً) والمتاع الحسن كلمة عامة لكل متاع طيب مبارك في الدنيا من سعة في المال ورغد العيش وحلاوته واستقرار البال والحال .
وذكر العلماء فضائل عدة لملازمة الاستغفار :
1 – أنه سبب لمغفرة الذنوب: ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراًا ) [نوح:10].
2 – الإمداد بالأموال والبنين ( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ) [نوح:12].
3 – دخول الجنات ( وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ ) [نوح:12].
4 – زيادة القوة بكل معانيها ( وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) [هود:52].
5 – دفع البلاء ( وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) [الأنفال:33].
6 – وهو سبب لإيتاء كل ذي فضل فضله ( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) [هود:3].
7 – العباد أحوج ما يكونون إلى الاستغفار، لأنهم يخطئون بالليل والنهار، فاذا استغفروا الله غفر الله لهم.
8 – الاستغفار سبب لنزول الرحمة ( لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [النمل:46].
9 – وهو كفارة للمجلس.
10 – وهو تأسٍ بالنبي ؛ لأنه كان يستغفر الله في المجلس الواحد سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق